امنا الغول
قصة "أمنا الغولة" هي إحدى القصص التي تُروى للأطفال لوصف الكائنات الحية وضرورية لإرغامهم على النوم بشكل جيد.
لاحت الغولة في التراث الشعبي العربي بسمات خاصة، حيث يُوصف وجهها، يجذب بعيون حمراء وشعر متشابك وأنف أفطس فم واسع مع أنياب مسننة، ويقال إنها تدوس على ضحيتها حتى تسوي على روحها، ويستعد الغولة الخيالية لقتله
ويرجع أصل كلمة "الغول" إلى الكلمة العربية "غيلة" التي تعني الغدر أو الخيانة، ويُعتقد أنها تشير إلى الطريقة التي تستخدمها الغولة في قتل ضحاياها.
وقديماً، كانت العرب تُطلق كلمة "غول" على الأفاعي والحيوانات العظيمة التي تهاجم الناس، ومع مرور الزمن، تطورت هذه القصص لتصف كائنات غريبة نصف إنسانية ونصف حيوانية.
وتروي قصص "ألف ليلة وليلة" العديد من القصص عن غولة عملاقة تأكل البشر والحيوانات، وتظهر هذه القصص الغولة كمخلوق يموت بعد ضربة واحدة بالسيف، لكنه يعود للحياة إذا تم ضربه مرة أخرى.
ورغم تداول القصص والروايات عنها قد لا يخطر على بال الكثيرين أنّ للغولة جذوراً تاريخية ضاربة في القدم وقع منها استنباط وتوارث الروايات الشعبية، حيث ذكر الباحث الأثري "فرانسيس أمين محارب" أنّ قصة "أمنا الغولة" ترتبط بمعبد الكرنك وآلهة مصر القديمة في مدينة الأقصر بصعيد مصر، وخصوصاً الإلهة "سخمت" التي كانت تُعتبر آلهة الحرب والدمار والفزع، حيث كانت تُصوّر "سخمت" عادةً بشكل امرأة ذات رأس أسد أنثوي، وكان يعتقد أنها السبب في الأمراض وفي الوقت نفسه كانت تُعالج كلّ من يصاب بها.
ولا يزال معبد الكرنك يحتوي إلى اليوم على العديد من تماثيل الإلهة "سخمت"، وذلك لأن الملك "أمنحتب الثالث" خلال فترة مرضه قام بصنع أكثر من 700 تمثال لها، حيث كان ينتج تمثالين كل يوم، أحدهما في وقت شروق الشمس والآخر في وقت غروبها.
ويعود أوّل ذكر لقصة "أمنا الغولة" في الأقصر إلى عام 1907، حيث وقعت حادثة وفاة لأطفال أثناء لعبهم بجوار حائط في معبد الكرنك عندما سقط الحائط عليهم، وقد تزامنت هذه الحادثة مع اكتشاف تماثيل للإلهة "سخمت"، ما أدى إلى ترسيخ قصة "أمنا الغولة" في الذاكرة الشعبية المصرية التي اعتُقد في ذلك الوقت أنها كانت تخرج من معبد الكرنك في الليل لتلتهم الأطفال، وكان وجه الإلهة "سخمت"، الذي يمثل رأس الأسد المخيف، يساهم في انتشار هذه القصة، ما جعل عمال الحفر يتوقفون عن العمل في المعبد خوفاً من "سخمت".
وادّعى الباحث الأثري الفرنسي جورج ليجران أنه أزال هذا الاعتقاد من قلوب العمال والأهالي بواسطة تعويذة باللغة الهيروغليفية، ما أدى إلى انتهاء قصة "أمنا الغولة"، كما كان تمثال الإلهة "سخمت" مرتبطاً أيضاً في معتقدات سكان الأقصر بالإنجاب، حيث كانت تقوم السيدات اللاتي يبحثن عن الإنجاب بالدوران حول التمثال، وهو ما أدى في بعض الأحيان إلى تدمير التمثال بعد عدم تحقيق مرادهنّ بالإنجاب.

أزال المؤلف هذا التعليق.
ردحذف😐
ردحذف